شرح حديث من انتسب لغير ابيه - موقع الأرشيف
منوعات

شرح حديث من انتسب لغير ابيه

شرح حديث من انتسب لغير ابيه، علم الحديث هو علم واسع ومتشعب جدًا وبين الحين والآخر يخرج بتفسيرات للأحاديث التي اختلط فهمها على الناس ليبيونها تبينًا مفصلًا خاصة في العصر الحديث الذي باتت فيه الكثير من الأمور الممنوعة في التشريع الإسلامي مباحة ومسموح بها ما أسفر عن مشاكل اجتماعية لا حدود لها.

ويدور الحديث في الآونة الأخيرة حول حديث الأنساب لغير الآباء وحكمة التشريع الإسلامي في تحريم وتجريم ذلك حيث توعد المجاهرين بذلك النار وجحيمها كونهم يسمحوا بمفاسد لا حدود لها في المجتمعات الإنسانية ولذلك كان لزامًا علينا توضيح وشرح حديث من انتسب لغير ابيه شرحًا وافيًا عله يهدي قومًا أضلوا السبيل.

حديث من انتسب لغير ابيه

يُعدمن الأحاديث المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد ورد على ألسنة الصحابة الكرام بأكثر من صيغة ما يُشير إلى نقله عن أمم كثيرة ويؤكد على ما ينطوي عليه من مخاطر على المجتمعات الإنسانية ويُبين جزاء من يفعل ذلك عن علم ويقين وإنما يُنكر أبيه لبلوغ شهرة ما أو تحقيق مصلحة دنيوية.

وروى في الحديث :” من ادعى لغير أبيه وهو يعلم فقد كفر، ومن ادعى قومًا ليس هو منهم فليتبوأ مقعده من النار ومن دعا رجلًا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حارت عليه” وجاء في الصحيح أن الحديث روي عن أبي ذر الغفاري وهو صحيح وقد أخرجه البخاري.

وتُشير تفاصيل الحديث إلى أهمية الحفاظ على الأنساب من الاختلاط والضياع ما يُحقق الفضيلة في المجتمع الإسلامي ويمنع المفاسد الإنسانية والأخلاقية التي قد تترتب على انكار أحدهم نسبه لأبيه أو قبيلته والانتساب لغيرها حيث تختط الأنساب فلا يُعرف فروع الوالد وقد ينجم عن ذلك مفاسد أخلاقية لا تُحمد عقباها خاصة فيما يتعلق باختلاط الانساب من جهة النساء ومن هنا كان النهي من الانتساب لغير الأب.

شرح حديث من انتسب لغير ابيه

يقول الإمام ابن باز في تفسيره لحديث الانتساب لغير الأب أنه حرام شرعًا وأن الإنسان المسلم لزامًا عليه الانتساب إلى أبيه وأهله وجماعته ولا يترك نسبهم في أي حال من الأحوال سواء كان يبتغي شهرة أو الحصول على منفعة دنيوية ويُفسر ذلك التحريم بما قد يؤل إليه من مفاسد أخلاقية خاصة من جهة النساء فالإنسان الذي ينتسب لغير أبيه ويلتحق بآخر قد يوقعه القدر في المستقبل في شرك الزواج من أخت له أو ذي محرم وهنا تكون الكارثة الكبرى من اختلاط الأنساب وضياعها وهو ما يُعيد الإسلام إلى الجاهلية الأولى التي جاء محررًا إياه منها.

ويقول ابن باز أن توعد الله لمن أتي بذلك الفعل الشنيع توعدًا صريحًا لا شكوك ولا جدال فيه بأن الجنة عليه حرام وأن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وأشار أن شدة الوعيد من شأنها أن تُحذر الناس من الوقع في هذا الأمر وأن من يستحل ذلك يكون كافرًا كفرًا أكبرًا.

ويُشير أن ما يفعله البعض في الآونة الأخيرة من الانتساب لأحد مشهور من أجل الحصول على منافع دنيوية كالحصول على جنسية أو الحصول على مكانة وهيبة في المجتمع أمر مذموم قطعيًا ومنكر عظيم يجب الاستتابة عليه.

تفسير كلمة مولى في حديث من انتسب لغير ابيه

يتساءل الكثيرون هل الذم والتحريم لنسب الابن لغير ابيه يسري على نسب أي الأشخاص لغير مواليهم وما الغرض من الموالي، وهنا يُشير علماء الفقه والحديث أن الأمر واحد ولكن يُفسر أكثر أهل العلم فيؤكدوا أن المولى المعني هنا في الحديث الرب والمالك والحليف وابن العم والعقيد والصهر والمعتق والمنعم والعبد والمنعم عليه، والتفسير الواضح هنا كما يُشير أهل العلم فإن الموالي من أنعم بالعتق على رقيقه فهنا حذر الحديث العبد المعتق أن يكفر النعمة ويتبرأ من مواليه ويتولى غيره عملًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم والذي قال :” الولاء لمن أعتق” وقوله في رواية أخرى الولاء لحمة كلحمة النسب لا يُباع ولا يوهب.

ويستكمل أهل العلم تفسيرهم بأن الأبناء نسب وعصبة لا يمكن أن يكونوا موالي إلا تعبيرًا مجازيًا ويكون ولاءهم للأب ببره والاحسان إليه والانتساب له، وفي تفصيل أوسع أشار أهل العلم أن الابن  يُنسب للأب ولا يجوز للابن الانتساب للأم بينما الزوجة لا تكون مولاة لزوجها إلا إذا كانت من الرق وقد أعتقها ومنحها حريتها فتكون مولاة له مثل غيرها من الموالي ويرثها إن لم يكن لها عاصب بالنسب ولكنها لا يجوز أن تنتسب إليه بأي حال من الأحوال فقط تُنسب لأبيها وعائلتها وذلك خشية من المفاسد التي قد تنتج من اختلاط الأنساب وضياعها.

حكم تغيير اسم الاب لمصلحة دنيوية

تُشير الفتاوي الواردة من أهل العلم والفقه في هذا الأمر أنه غير جائز وينطوي عليه الكثير من المفاسد المجتمعية بل وأحيانًا الكفر بما جاء به الله من تشريعات وقوانين ربانية أصيلة، ويوضح العلماء أن الانتساب لغير الأب من أجل تحقيق مصلحة في الدنيا كشهرة أو الحصول على وظيفة أو تسهيل أي من الأمور الدنيوية، ينطوي على تحقير الأب وازدرائه بالإعراض عن الانتساب له وهو ما يُعد من الكبائر ، فهو يكذب تارًة من أجل كسب مال من ميراث ليس له حق فيه وهذا كبيرة ومفسدة أخلاقية واجتماعية تُفكك سلامة المجتمع وأمنه واستقراره الإنساني، وفيه كذب وخداع وأكل للأموال بالباطل وفيه تحريم لما أحل الله وإحلال لما حرم من النكاح والأموال وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في التحدير من ذلك قوله:” ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، فيما ثبت عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله :”  «من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام فتوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من انتسب إلى غير أبيه وشدد في ذلك حتى حكم عليه بالكفر، وحرم عليه الجنة، وهو ما يُشير إلى ضرورة أن يتنبه الناس لهذا الأمر والتوبة عنه والعدول عن التفكير فيه.

انتساب الانسان لجده

يُلاحظ أن البعض يلجأ إلى الانتساب إلى الجد ولكن دون إنكار الأب أو العائلة ولكن يرغبون بالالتحاق بالجد ويستشهدوا على فعلهم هذا بما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه انتسب إلى جده المشهور عبد المطلب فقال أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب وذلك على الرغم من أن النبي هو ابن عبد الله بن عبد المطلب ولكن كان عبد المطلب أشهر من أبيه عبد الله فانتسب إليه وذلك في غزوة حنين خاصة أن جده كان ذو مكانة عليا عند أهل قريش وهو ما يُفسر قوله أنا ابن عبد المطلب وهو هنا لم ينتف من أبيه ولم يرغب عنه وانتسب إلى جده لشهرته دون الحصول على أي منافع أو مصالح دنيوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى