هل الدقيق الاسمر اكثر فائدة من الدقيق الابيض

هل الدقيق الاسمر اكثر فائدة من الدقيق الابيض، في ظل التحذيرات الكثيرة من تناول الدقيق الأبيض نظرًا لافتقاده العديد من العناصر الغذائية كونه يُستخرج بعد نزع قشرة وجنين القمح بدأ الكثير من الناس الاتجاه لتناول الدقيق الأسمر والذي يتم طحنه بكامل مكوناته التي تحتوي على المواد الغذائية المختلفة من البروتينات والألياف والمعادن.

وتُشير بعض الدراسات إلى المشاكل التي يُسببها تناول الدقيق الأبيض في الوجبات الأساسية التي يتناولها الناس في كافة أقطار المعمورة فهو يرفع مستويات السكر في الدم من جهة، وأحد مسببات السمنة من جهة أخرى  فيما يُسميه البعض غراء الأمعاء نظرًا لعدم احتوائه على الألياف ما يؤدي إلى عسر الهضم، ولكن في ظل هذه السمعة السيئة للدقيق الأبيض هل يُعتبر الدقيق الأسمر أكثر فائدة؟

الدقيق الأبيض

يُستخرج الدقيق الأبيض من القمح الذي يُعتبر أحد أهم المواد الطبيعية التي يعتمد عليها الإنسان في غذائه منذ آلاف السنين.

تاريخيًا أول من طحن الحبوب في المطاحن المخروطية هم الرومان في نهاية سبعينيات القرن التاسع عشر تلك الفترة التي شهدت انطلاقة العصر الصناعي ومن ثم بدأت تلك الصناعة تنتشر في مختلف دول العالم وكانت لندن صاحبة السبق في إنشاء أول طاحونة بخارية في الثلاثينيات من القرن العشرين، وقد تطورت صناعة الدقيق شيئًا فشيئًا وبدأ يُضاف إليه العديد من العناصر التي تجعله غذاءً مناسبة لكافة الناس على اختلاف أعمارهم، ولكن على الرغم من ذلك الاهتمام بالدقيق الأبيض إلا أنّه بقيّ سيء الصيت والسمعة نظرًا لما كشفت عنه العديد من الدراسات والتي أشارت له بإصبع الاتهام في التسبب بمشاكل صحية على المدى البعيد.

ويقول الكثير من العلماء الذين اهتموا بدراسة مكونات الدقيق الأبيض أن أساس سمعته السيئة هي لونه الأبيض الناصع فهو دليل على تكريره بشكل صناعي واستخدام الكثير من المواد الكيميائية المبيضة التي تمنحه تلك الدرجة الناصعة، فضلًا عن أن عملية الطحن تكون للقمح بدون القشرة وجنين القمح وغيرها من المكونات التي تحتوي على العناصر الغذائية الهامة كالألياف والفيتامينات والمعادن.

وتُشير الدراسات أنه على الرغم من إضافة بعض العناصر الغذائية التي يفقدها الدقيق الأبيض عند الطحن إلا أنه يتم تعويضها في عملية التصنيع ليكون منتجًا مدعمًا بالكالسيوم والحديد وفيتامين ب لكن ذلك غير كافيًا.

هل الدقيق الاسمر اكثر فائدة من الدقيق الابيض

الإجابة الأولية على هذا التساؤل هي نعم، الدقيق الأسمر اكثر فائدة من الدقيق الابيض والسبب أنه ينتج من عملية طحن القمح بالكامل أي بالقشرة والجنين اللذان يحتويان على الألياف وبعض المعادن كالكالسيوم والحديد، وبعض الفيتامينات مثل فيتامين هـ وفيتامين ب ويقول العلماء أنه على الرغم من أن الدقيق الأسمر يفقد جزء من القشرة والجنين إلا أنه يبقى متمسكًا بما يتراوح بين 85 – 90 % من فوائد القمح الكاملة.

هذه السمعة الطيبة للدقيق الأسمر والتي تتمثل في غناه بالمكونات الغذائية التي يحتاجها جسم الإنسان لم تكن كافية عند بعض الدارسين والذين أشاروا إلى أن الدقيق الاسمر ليس بريئًا تمامًا ولا يُعتبر حارسًا صحيًا لكافة أنواع الناس فالمصابين بأمراض القولون العصبي قد يواجهون مشكلات كثيرة أثناء تناوله وذلك وفقًا للعديد من الدراسات التي أثبتت احتوائه على الفركتان والذي يُعتبر واحدًا من أنواع السكريات قليلة التعدد أي أنه كربوهيدرات تتكون من سلسلة من جزيئات الفركتوز وجزئ الجلكوز وهي مركبات صعبة الهضم وتبقى عالقة في القولون وتخمرها فيه ينتج عنه مشكلات الغازات والتشجؤ بالإضافة إلى الاسهال، ولكنهم يقرون أنه الأقل ضررًا على الصحة من الدقيق الأبيض.

استخدامات الدقيق الاسمر

لا يُمكن فصل استخدامات الدقيق الاسمر عن استخدامات الدقيق الأبيض فالأرجح أنها واحدة فكما يُمكن استخدام الدقيق الأبيض في صناعة أنواع مختلفة من المخبوزات والمعجنات والبيتزا وتصنيع المكرونة وأصناف مختلفة من الخبز والبان كيك وغيرها، أيضًا يُمكن استخدام الدقيق الاسمر لتنفيذها ولكن بحذر قليلًا ليس من ناحية المكون وإنما من ناحية أسلوب الانتاج والمكونات التي يُمكن أن تضاف إليه، فالدقيق الابيض يعطي قوامًا مطاطيًا أثناء عملية العجن ويحتفظ ايضًا بفقاعات الغاز ضمن تركيبة المنتج والتي تُعطيه الطراوة والمرونة خاصة في منتجات الخبر والكعك بينما المنتجة من الدقيق الاسمر تكون أقل كفاءة لكنها أكثر صحة.

فوائد الدقيق الاسمر الصحية

كثيرة هي الدراسات التي أشارت إلى فوائد الدقيق الاسمر وأكدت على ضرورة تناوله يوميًا كبديل عن الدقيق الابيض، فأهم فوائده أن يُعالج الإمساك كونه يحتوي على الألياف الطبيعية والتي تُسهل عمل الأمعاء ويحافظ على نشاطها الحيوي في جسم الإنسان فضلًا عن أنه يُساعد في التخلص من الوزن الزائد خاصة في منطقة البطن والأرداف تلك المناطق الموسومة بالدهون العنيدة، من الفوائد الكبيرة التي يُحققها تناول الدقيق الاسمر أنه يُخلص الجسم من السموم باعتباره مصدر غني بمضادات الأكسدة، ناهيك عن تقليل فرص الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وكذلك يدعم صحة المخ ويُحسن وظائفه ويعمل على تحقيق حماية أفضل للعظام وأنسجة الجسم المختلفة كونه يحتوي على الفسفور والأهم أنه مصدر غني بفيتامين ب 1 المهم جدًا في عملية التمثيل الغذائي للجلكوز، ناهيك عن غناه بفيتامين E وعنصر الزنك اللذان يُحافظان على البشرة مشرقة ونضرة.

ومن الفضائل التي يُحققها تناول الدقيق الأسمر لمرضى السكري أنه يُحافظ على مستويات السكر في الدم نظرًا لاحتوائه على الالياف التي تعمل على تبطيء ارتفاع مستوى السكر في الدم وتقوم بتحرير الأنسولين شيئًا فشيئًا.

بدائل الدقيق الأبيض

لعل المخاطر والأضرار التي ثبتت على الإنسان جراء تناوله للدقيق الأبيض جعلت الكثيرون يبحثون عن بدائل صحية له ويُعد دقيق القمح ليس البديل الوحيد للدقيق الابيض بل يوجد انواع أخرى منها دقيق الشوفان ودقيق الذرة ودقيق اللوز لكن النوعين الأخيرين قليلي الاستخدام مقارنة مع دقيق الشوفان والذي يُعد صحيًا تمامًا ويُمكن صناعة المخبوزات والحلويات منه خاصة البان كيك، وما يجعل كفة الفائدة ترجح لدى دقيق الشوفان أنه لا يحتوي على الغلوتين مما يكسبه صفة سهولة الهضم مقارنة مع الدقيق الاسمر والدقيق الأبيض الذي يأتي في آخر القائمة، ويُمكن استخدام دقيق الشوفان في إنتاج العديد من المواد الغذائية كالمكرونة، والأرز وغيرها.