قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة والعبر منها - موقع الأرشيف
مقالات

قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة والعبر منها

قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة والعبر منها، ضم القرآن الكريم في مجمل آياته وتفاصيل سوره الـ 114 عددًا من قصص الأنبياء والمرسلين والأحداث التي واجهوها خلال بعثهم ورسالتهم بدءً من آدم عليه السلام والذي كان أول الأنبياء والرسل وعاش قرابة الألف عام انتهاءً بمحمد صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء والمرسلين واستمر عمره قرابة الستة عقود أو أزيد قليلًا.

وقصة سيدنا يوسف واحدة من اهم القصص التي كشفت عن الكثير من القضايا وتطرقت إلى موضوعات مختلفة أهمها حسد اخوة يوسف له لمكانته عند أبيهم وغدرهم به ومن ثم سجنه والمغريات التي تعرض لها من امرأة العزيز وكيف أنجاه الله من مكرها واعتلى عرش مصر، وكل واحدة من هذه القضايا تحمل عبرة في مضمونها يُمكن اسقاطها على كل زمان ومكان فالله لم يقص القصص لنعرف بها فقط وإنما لنعمل ونقتضي بعمل الأنبياء والمرسلين، فهل قرأتم قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة وهل استطعتم استخلاص العبر منها؟ في هذه السطور سنقدم لكم الكثير من التفاصيل..

من هو النبي يوسف عليه السلام

وصفه النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، حيث قال فيه :” إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن”، وسبب ذلك أن نسبه عليه السلام كله أنبياء فهو ابن نبي الله يعقوب، ابن النبي إسحاق ابن النبي إبراهيم عليهم صلوات الله وتسليمه.

خصه الله سبحانه وتعالى بسورة كاملة في القرآن حملت اسمه “يوسف” تقع في وسط القرآن بين الجزأين الثاني عشر والثالث عشر وعدد آياتها 111 آية لخص فيها الله سبحانه وتعالى قصة النبي ابن الأنبياء وما أحيك له من مؤامرات عظيمة وفتن كبيرة استطاع أن يتجاوزها بفضلٍ من الله ورحمة، وتحدثت عن صفاته العلا بين الأنبياء والرسل فقد أوتي علم تفسير الرؤى، ووصفت قصته بأنها أحسن القصص لما فيها من عبر ومعانٍ مميزة تصلح لكل زمان ومكان فقد كان عليه السلام حسن التجاوز عن إخوته حين مكروا له وضمروا له السوء وألقوه في البئر فحين نصره الله وجعله عزيز مصر وجاءوا إليه أكرمهم وعفا عنهم، فضلًا عن صبره على مؤامرة امرأة العزيز ومكرها والنسوة له وتفضيله للسجن على إتباع الضلال الذي أغوي به، وكذلك لأن الله سبحانه وتعالى ذكر فيها الأنبياء والصالحين والملائكة والشياطين كما ذكر السير الملوك والممالك والتجار والجهال والنساء وحيلهن، وذكر التوحيد وتعبير الرؤى والكثير من الفوائد التي تصلح للدين والدنيا.

قصة سيدنا يوسف كاملة

إن قراءة متمعنة لسورة يوسف في القرآن الكريم تسرد لك تفاصيل الحياة التي لقيها النبي عليه السلام منذ كان وليدًا إلى أن انتهى الأجل به فحين ولد كان الابن الحادي عشر لنبي الله يعقوب وقد أحبه والده حبًا مختلفًا عن اخوته فمكروا له ذلك الحب حتى أن والده يعقوب عليه السلام أخبره بألا يقص الرؤيا التي رآها على اخوته كي لا يُشعل الكيد له في قلوبهم فالله قد اجتباه بشيء لن يجعله فيهم، ولكن حب النبي يعقوب ليوسف وأخيه وتفضيله لهما على بقية أبنائه كان سببًا في عدم حماية يوسف عليه السلام تحديدًا ومكروا له بأن خططوا فيما بينهم لإلقائه في البئر وبالفعل نفذوا فعلتهم، أقنعوا يعقوب عليه السلام أن يسمح ليوسف بالذهاب معهم للعب ولكنه لم يشأ في البداية ولما وعدوه ألا يسهوا عنه ليأكله الذئب استودعه الله وأخرجه معهم ولكنهم عادوا إليه ليلًا يبكون زورًا بعد أن ألقوه في البئر وجاءوا بقميصه إلى أبيه ملطخًا بالدماء فما كان منه إلا أن يترك الأمر لله إذ ايقن أنهم مكروا ليوسف وآذوه.

ولكن الله سبحانه وتعالى أراد له الحياة وجعله من الأنبياء المكرمين فما إن سقط في البئر حتى كانت قافلة تسير بالقرب منه وأدلوا دلوهم في البئر ليشربوا وما إن أخرجوا الدلو حتى خرج يوسف عليه السلام من البئر واعتبروه بشرى وبضاعة ولما علم اخوته بأنهم أخرجوه من البئر أخبروهم بأنه لهم فاشتروه منهم ومن ثم باعوه لوزير من مصر فأكرم مثواه وأخبر زوجته أن تُحسن إليه عله ينفعهم في الكبر فيكون لهما ولدًا يُعينهما لاحقًا وبذلك استمر يوسف عليه السلام بالحياة ومكن له في الأرض.

قصة سيدنا يوسف مع امرأة العزيز

لم تنته قصة سيدنا يوسف عن خروجه من البئر وبيعه لعزيز مصر بل إن نصيبه من المآسي والمصاعب التي كانت تنتظره كبيرًا، فحين شب كان أوتي شطر الحسن وهو ما جعله فتنه لامرأة العزيز فراودته عن نفسها لكنه رفض وكيف يفعل الفاحشة ويوافق شهوات امرأة الرجل الذي آواه وما إن فر هاربًا حتى قضت قميصه من دبر وكان ذلك منًا من الله عليه فكان سبيل نجاته من مكرها ومكر النسوة التي جمعتهم والذين ما إن رءوا يوسف عليه السلام حتى قطعن أيديهن من شدة جماله ووقفت أمامه معتذرة عن مراودتها له عن نفسه ولكن على الرغم من براءة سيدنا يوسف إلا أنه سجن وكان السجن أحب إليه وفي السجن اجتمع بكثير من البشر إلا أنه كان الأصدق بينهم والأصلح فلم يكن يتحدث إلا بما فيه خير وإحسان للناس وهناك التقى بساقي الملك وخباز الملك وفسر لهما رؤياهما ودعاهما إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وبين لهم مبطلات الشرك.

ثم جاء العزيز برؤيا وفسرها له يوسف عليه السلام ولما أراد الملك أن يُخرجه من السجن لصدق تفسيره رفض يوسف الخروج إلا بعد أن تُثبت براءته وأنه لم يخن الملك في امرأته وظهرت براءته واضحة للمك وأخرج من السجن وتولى على خزائن الأرض وكان أمينًا عليها وكان ذلك من فضل الله ورحمته على يوسف لصبره على واجهه من مؤامرات قاسية قابلها بالصبر والشكر على النعمة والدعوة إلى سبيل الله وعبادته وحده لا شريك له.

لقاء يوسف بإخوته وأبيه

بعدها أراد الله أن يرد يوسف إلى أهله فكان لقائه بإخوته فعرفهم ولكن هم لم يعرفوه في بداية الأمر حيث أنه طلب اليهم أن يأتوا بأخيه بنيامين ولكنهم رفضوا في بداية الأمر وامتنع عن عطائهم المؤنة التي يُريدون لمواجهة القحط في تلك الفترة ولكنهم سألوا أبيهم وقالوا له أن وزير مصر يريد أخاهم بنيامين وكانوا يعرفون أن جلبهم لبنيامين سيزيد من مؤنهم فأقنعوا والدهم وأخذوه معهم، ولكنهم أرادوا أن يتخلصوا منهم وسولت لهم نفسهم أن يسرقوا الكأس الذي يشرب فيه يوسف ويضعوه في متاع أخيهم بنيامين وذلك لأن الملك أخبرهم أن من يجدوا في متاعه زيادة سيكون عبدًا عنده وبالفعل لما نادى عليهم وكيل يوسف وجد متاعه عند بنيامين وصار عبدًا عند أخيه ولما رجعوا إلى أبيهم يُخبروه بما حدث ابيضت عيناه من الحزن ولكنه استعان بالله على أن يُعيد اليه ابنيه جميعًا، وقد كرمه الله سبحانه وتعالى بذلك وحمله يوسف على العرش وأكرمه وعفا عن اخوته الذين كادوا له كيدًا كبيرًا كان نتيجته أن اصبح عزيز مصر نظرًا لما ابداه من صبر.

ما العبر من قصة سيدنا يوسف

قصة سيدنا يوسف مليئة بالعبر والعظات فهي إنسانية بالدرجة الأولى أورد فيها الله سبحانه وتعالى الكثير من القيم والمعاني الإنسانية أهمها الثقة بقدر الله سبحانه وتعالى وتدبيره العظيم للأمور جميعها ما هو سيء منها وما هو حسن فليس كل أمر يصيب الإنسان إلا لخير حتى لو كان ظاهره غير ذلك فإلقاء سيدنا يوسف في البئر كان سببًا في بيعه إلى عزيز مصر وما وجده في مصر كان سببًا في اعلاء شأنه وتوليته خزائن الأرض.

وتُعلمنا السورة في تفاصيلها الصبر على البلاء والاستعانة عليه بالله سبحانه وتعالى والالتجاء إليه والتوكل على الله توكلًا تامًا والإيمان بأن النهاية لن تكون الا إحسانًا وتمكينًا في الدنيا والآخرة.

لماذا ذكرت قصة سيدنا يوسف مرة واحدة في القرآن 

يقول العلماء والمفسرين أن تخصيص قصة سيدنا يوسف في سورة كاملة وعدم تكرار قصة النبي في القرآن الكريم كما الكثير من الأنبياء الذين وردت قصصهم في أكثر من سورة بذات المعنى هو دليل على اعجاز وتحد بحيث لا يقدر مخالفة على معارضة القصة وما ورد فيها من بيان وبلاغة، ناهيك عن احتوائها على الكثير من العبر والحكم والفوائد التي تصلح للدين والدنيا فكل ما ورد فيها يُمكن للإنسان أن يسقطه على الزمان والمكان الذي يوجد فيه ويتقى الله ويصبر ويحتسب كما فعل يوسف عليه السلام وسيكون له التمكين والفوز في الدنيا والآخرة فلا يوجد قارئ يتمعن ويتفحص آيات السورة ويسمعها بقلبه إلا وجد السكينة والراحة بأن كل أمر صعب سيهون وكل عقبة تُؤخر وصوله ستنتهي إلى زوال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى