بحث عن العنف اسبابه واضراره - موقع الأرشيف
منوعات

بحث عن العنف اسبابه واضراره

بحث عن العنف اسبابه واضراره، بات العنف في السنوات الأخيرة يُشكل آفة تعمق انتشارها في مختلف المجتمعات والثقافات، فلا يكاد يمر يومًا دون أن تُسجل وسائل الإعلام حدثًا لحالة عنف أو اعتداء على الخصوصية، في مصر قتل شاب فتاة أحبها لأنها هجرته فيما بعد، وفي فلسطين  يتعرض ذوي الإعاقة الحركية لحرمان من حقوقهم في الوظيفة رغم وجود قانون ينص على توظيف ما لا يقل عن 5% منهم في مهام مختلفة في المؤسسات وفق تخصصاتهم، وفي السعودية يُخطف الأطفال ويُمارس بحقهم عنف خطير، وفي أمريكا والعالم الغربي عمومًا يعتدي الطلاب على مدرسيهم دون رادع أو رقيب تحت مسمى الحرية ناهيك عن قتل النساء والاعتداء عليهن بالضرب من قبل الشريك وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن 40 -70% من النساء اللاتي في أستراليا وإسرائيل وجنوب أفريقيا وكندا والولايات المتحدة يلاقين حتفهن بجرائم قتل وهكذا.. وفي البحث عن الأسباب التي تُغذي العنف في المجتمعات تجد أنها لا تبتعد عن سطوة حب الذات والبعد عن الدين ما يُحتم اتخاذ خطوات عاجلة على المستوى التربوي والاجتماعي للحد من هذه الآفة التي تنخر عضد المجتمع..

ما هو العنف

في تعبير ذوي الخبرة من الاجتماعيين وخبراء علم النفس فإن العنف استخدم القوة ضد شخص آخر لإجباره على فعل أمر ما مخالفًا لرغبته ويترتب عليه شعور بالألم وفقًا لحالة الأذى الذي تعرض له سواء مادي أو معنوي، وعادًة ما يُستخدم العنف في كافة أنحاء العالم كوسيلة من وسائل التأثير على الآخرين ولذلك تهتم المؤسسات الحقوقية والثقافية في كافة المجتمعات بالكشف عن مسبباته ومحاولة إنهاء الظاهرة.

والعنف أحيانً يكون بالتضارب والعراك بالأيدي بين الأشخاص وأحيانًا أخرى يكون باستخدام الأسلحة في الحروب والتي ينتج عنها حالة من الإبادة لفئات كُثر وبأعداد فائقة وأحيانًا ثالثة يتخطى العنف الجسد ليستقر في النفس والروح وهذا من أبشع أنواع العنف وله أشكال عديدة فإرغام القاصر على الزواج من كهل في عمر جدها عنف، واستخدام ألفاظ التنمر على الأشخاص ذوي الاحتياج الخاص عنف، والشح على أفراد العائلة رغم وجود المال لتلبية احتياجاتهم عنف، ومحاباة طالب على آخر في الصف المدرسي عنف..

أنواع العنف في المجتمع

تُعاني المجتمعات في أنحاء العالم من أنواع متشابهة في العنف لكنها بوسائل وتفاصيل مختلفة فالمجتمعات الغربية يكون فيها العنف مغلف بمبادئ الحرية، وعلى العكس في المجتمعات العربية فإن العنف يُؤدى بدافع اختراق المنظومة الاجتماعية والعادات والتقاليد ويقوم بالعنف الطبقات الأقوى في المجتمع ضد الطبقات الأضعف ولعل أكثر من يُعاني من العنف هم فئات النساء والأطفال حتى أن البعض قد يصل به المطاف إلى إنهاء حياته طوعًا للتخلص مما يُمارس ضده من عنف لا طاقة له باحتماله سواء على المستوى البدني أو النفسي ومن هنا يُمكن تقسيم أنواع العنف في المجتمعات إلى ثلاثة أنواع كل واحد منها يندرج تحته تفصيلات متنوعة لأساليب التعنيف وهي كالتالي:

  • العنف البدني ومنه الاعتداء من الشخص الأقوى أو الأكبر على الآخر بالضرب وهو أشد الأنواع انتشارًا وأحيانًا تكون نتائجه وخيمة فكم من حالة وفاة كان سببها تلقي الشخص المعنف ضربة قاتلة أثناء العراك، فالبعض حين الغضب يُفرغ طاقته دون أن يدري ما النتيجة التي ستترتب على ذلك فقط يفطن إليها حين يلفظ الشخص أنفاسه أو يغرق في بركة من دمائه.
  • العنف الجنسي، وهو أخطر أنواع العنف المنتشرة في المجتمعات العربية والغربية على حدٍ سواء وغالبًا ما يتعرض له الشخص الأضعف من اقرب الناس إليه فأحيانًا قد يُمارس الزوج عنفًا جنسيًا مع زوجته بإرغامها على العلاقة تحت وطأة الضرب أو التهديد وغيره وهناك الكثير من يُمارسون الاعتداء الجنسي على أقاربهم ويلزموهم الصمت خشية من النظرة المجتمعية أو من الفضيحة خاصة في المجتمعات الشرقية فكم من بنت تعرضت للاغتصاب أو أي من أنواع العنف الجنسي على يد أقرب المقربين لها واضطرت على الصمت حتى لا تُنبذ من المجتمع.
  • العنف النفسي وينطوي على الإساءة للشخص من خلال سلوك أو انفعال معين ويؤدي إلى حدوث صدمة نفسية له كالانقطاع عن العالم الخارجي والنزوع للوحدة والانعزال، أو الإصابة بالاكتئاب وأكثر ما يُعاني من الايذاء أو العنف النفسي هم فئات المراهقين والنساء في كافة المجتمعات، ومن أبرز المشاهد على العنف النفسي والتي انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل مقلق التنمر والابتزاز
  • العنف الرقمي أو الالكتروني وقد ساهم في انتشاره التطور التكنولوجي والثورة على مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام الخصوصيات التي ينشرها الأشخاص عن تفاصيل حياتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتشهير بهم من خلالها أو تلفيق ونشر الاتهامات الكاذبة بحقهم فضلًا عن إرسال رسائل تهديد أو تخويف أو ارسال صور ومقاطع فيديو صريحة ومخلة بالآداب دون موافقة المستلم وغيرها.

أسباب العنف

تختلف أسباب العنف من بيئة إلى أخرى فبعض المجتمعات يكون فيها العنف مبني على النوع الاجتماعي ومجتمعات أخرى يكون العنف رائجًا بسبب المعتقدات الاجتماعية ومجتمعات ثالثة سبب العنف فيها اقتصاديًا بحتًا نتيجة انعدام الفرص أمام الشباب وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وأحيانًا يكون هناك أسباب سياسية تدفع إلى انتشار العنف بشكل مخيف أقرب إلى الارهاب، ويُمكن اجمال الأسباب العامة  التي تؤدي إلى العنف فيما يلي:-

  • التربية غير الصحيحة للنشء وهو أكثر العوامل المسببة لانتشار العنف واعتباره سلوكًا عاديًا يأتي في إطار الحماية والدفاع عن النفس فالأبوين حين يأتي الطفل إليهما يشكو من بطش زميل في المدرسة سرعان ما يُخبره أن يرد عليه بالمثل إن أساء له لفظًا يُقابل ذلك بذات الفعل وإن اعتدى عليه بالضرب يُبرحه أرضًا وهكذا فيصبح الطفل معتادًا على السلوك العنيف وكأنه مبدأ حياة.
  • دور الإعلام حيث يعمد إلى نشر مشاهد العنف في الأخبار ويُقدمها في قوالب درامية وسينمائية حتى في الرسوم المتحركة فهي لا تخلو من مشاهد العنف وهو ما يجعل المشاهد يُقلد تلك المشاهد بذات القسوة التي يراها.
  • الحالة الاقتصادية لأفراد المجتمع فكلما ازدادت معدلات الفقر والبطالة وانعدام سبل الحياة الكريمة ازدادت معدلات الجريمة من أجل الحصول على موارد تسد الرمق حتى لو كانت مغمسة بالدم أو تم الحصول عليها بوسيلة غير شرعية كالسرقة أو النصب أو غيرها.
  • تهميش الفئات الشابة والفتية في المجتمع وممارسة القمع ضدهم مما يجعلهم ناقمين ويُعزز مشاعر الغل لديهم فيعمدوا إلى التعبير عن أنفسهم بأساليب مختلفة لإثبات وجودهم ولفت الأنظار لهم.
  • الابتعاد عن روح الإسلام السمحة والفهم الخاطئ للدين فالغلو في الدين يُؤدي إلى الكثير من السلوكيات العنيفة التي تصل إلى حد الارهاب لإقصاء من لا يوافقون الرؤية أو السلوك ناهيك عن التعصب للأفكار أو الرؤية السياسية أو المجتمعية.

أضرار العنف

كثيرة هي الأضرار التي يُلحقها العنف بالمجتمعات وأفرادها على اختلاف فئاتهم الجنسية ذكورًا أو اناثًا وعلى اختلاف فئاتهم العمرية أطفالًا أو مراهقين وشباب أو كبار في السن، ولعل أوخم العواقب التي يُمكن أن يُسديها العنف على الأفراد في المجتمعات هي العواقب النفسية بانتشار أمراض الاكتئاب وتعزيز مشاكل القلق واضطراب السلوك فضلًا عن الخوف والتفكير في الهروب من الوقع المؤلم الذي يعيشه الفرد إما بالهجرة أو الانزواء بعيدًا عن الاختلاط المجتمعي.

وعلى صعيد آخر فإن للعنف أضرار وعواقب وخيمة على مستوى الاقتصاد قصيرة وطويلة الأمد على كل أفراد المجتمع فعلى المستوى القصير الأمد فإن أعمال التخريب التي يُمكن أن تُنفذ بسبب العف تُلحق خسائر مادية بالممتلكات والأموال العامة وتجعل الدولة تُضاعف من إنفاقها على إصلاح ما تم إهداره فضلًا زيادة حاجتها إلى التمويل من أجل إيجاد مشاريع اجتماعية وتنمية تُمكن الذين تعرضوا للعنف من الخروج من بوتقة الألم التي وضعوا فيها وإعادة تنشيطهم ليكونوا أفرادًا منتجين بدلًا من الانزواء وانتظار المعونات المالية التي تُقدمها لهم الدولة وفق إمكانياتها التي غالبًا ما تكون محدودة بالمقارنة مع حجم المأساة التي يُخلفها العنف.

على الصعيد الاجتماعي فإن أخطر ما يُشكله العنف هو تهديد أمن وتماسك وسلامة المجتمع ونتشار الجريمة ومشاعر البغض والحقد بين الأفراد فضلًا عن العزلة المتزايدة والإحباط والانغلاق دون نشاط أو تفاعل مع ما يجري في المجتمع من أحداث وأنشطة، ولذلك فإن المختصين يقرعوا أجراس الخطر من آفة العنف ويضعوا المخططات التي تُمكن مؤسسات الدولة من مواجهتها، فكيف يُمكن مواجهة آثار العنف على المجتمع؟

كيف يُمكن مواجهة آثار العنف على المجتمع؟

إن مواجهة الآثار السلبية للعنف تبدأ بالوقوف على المسببات والعمل على إنهاء وجودها أو محاولة الحد منها مع العمل على استعادة التنشئة السليمة للأفراد في سنواتهم الأولى وإشعال جذوة الأمل في قلوبهم وتعزيز التسامح والمودة في قلوبهم وبنبذ تصرفات الحقد والبغض فذلك يجعل القلوب نقية وفق فطرتها التي فطرها الله عليها.

ومن ثم العمل على تعزيز المبادئ الإسلامية القويمة في نفوسهم وتعريف الأفراد بالحقوق التي منحها الدين لهم والواجبات التي فُرضت عليهم والعمل على تحقيق المساواة بعيدًا عن نزعة التفرقة على أساس الدين أو المذهب وأن الناس خلقوا سواسية وما إن إنسان أفضل من الآخر إلا بالتقوى والعمل الصالح، فالفهم الصحيح للدين والحرص على إشاعة الود والمحبة والسلوك السوي من شأنه أن يحد كثيرًا من العنف.

ولا بد أيضًا للحكومات والدول أن تُعطي الشباب دورهم في تحقيق التنمية والعمل على استدامتها من خلال دعمهم بتوفير فرص العمل وإشراكهم في الخطط وفتح المجال لاستقبال مقترحاتهم ومشاريعهم ودعم أفكارهم الإبداعية بما يُحقق تنمية سلوك الانتماء لديهم يجعلهم قادرين على العطاء ويكونوا معول بناء لمجتمعهم.

ومن الضروري أيضًا تعزيز الحريات السياسية في المجتمع بما يُحقق التفاعل والانتماء للمجتمع والعمل على نبذ العنف والتفرد في الرأي والتعصب وغيرها من السلوكيات التي تُعزز العنف والاقصاء والإرهاب.

إن تعزيز هذه السلوكيات سيؤدي حتمًا إلى نبذ السلوك العنيف واحترام حقوق الإنسان والانسانية بشكل أوفي في كل مجالات الحياة وسيكون المجتمع متماسكًا متراحمًا قادرًا على تحدي أي خطر يُحدق به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى